الأربعاء، 30 سبتمبر 2015

" من نفس المكان "


ضم أمه إليه، بعدما توفي والده، وكان من الأثرياء، فكان ينفق على والدته ويرعاها... تزوج هذا الابن بزوجة لا تحب إلا نفسها، ولا تبغي إلا مصلحتها، فكانت تضيق ذرعًا بأم زوجها، تسيء عشرتها وتؤذيها بلسانها وأفعالها، وشاءت إرادة الله تعالى أن تصاب الأم بحالة «جنون»، فضاقت الأرض على الزوجة ولم تطق صبرًا على وجودها .

فقالت لزوجها: أنت مخير بين أمرين : إما أن تختار أمك, وإما أن تختارني؟ حاول الزوج إقناع الزوجة بالصبر والرضا ولكن دون جدوى.

فكر الزوج وقدر... الزوجة أم الأم؟ وأخيرًا هوى بعد أن اتبع الهوى , سَوَّلَت له نفسه الخبيثة وهداه شيطانه , وفكر في التخلص من أمه!! وفي ليلة مظلمة شاتية، أخذ والدته إلى سطح البيت، ومن على سطح البيت ألقى بها، ألقى بأمه... ألقى بأمه... ألقى بأمه، فهوت الأم على الأرض تلفظ أنفاسها الأخيرة .

لتلحق بربها تشكو إليه ظلم ابنها!! وكالعادة، أقام الابن لها سرادقًا كبيرًا لتلقي العزاء، ولم يدر أن عدالة الله له بالمرصاد.

ومرت الأيام، وظن أنه في مأمن من الله، وبأسه الذي لا يرد عن القوم المجرمين , وأصيب الابن العاق «بالجنون» بنفس المرض الذي أصيبت به أمه، وضاقت زوجته به كما ضاقت بأمه من قبل .

وفي ليلة شاتية مظلمة , صعد الابن على سطح البيت، ولكن هذه المرة لم يقوده أحد، لقد صعد بنفسه ومن المكان نفسه، يهوي على الأرض يلفظ أنفاسه الأخيرة ليلقى ربه بما كسبت يداه، والجزاء من جنس العمل .

" وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى " [طه: 61] .


وتطوى صفحة سوداء من حياة بيت أقيم على الظلم والعقوق لتبقى عظته يرن صداها في وجدان كل من " كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ " [ ق: 37 ] ( وبالوالدين إحسانًا – سعد يوسف – بتصرف وزيادات , نقلاً عن : أنين القلوب لمصطفى كامل ) .

هناك تعليقان (2):